نور الأئمة عليهم السلام
اهلا ومرحبا بالمؤمنين والمؤمنات في هذا الصرح الأسلامي والأيماني موقع نور الأئمة عليهم السلام
نور الأئمة عليهم السلام
اهلا ومرحبا بالمؤمنين والمؤمنات في هذا الصرح الأسلامي والأيماني موقع نور الأئمة عليهم السلام
نور الأئمة عليهم السلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


نور الأئمة عليهم السلام رمز ايماني يمثل الثورة البطولة الشهادة والتضحية من اجل الحق ومجابهة الظلم والظالمين
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثأحدث الصورالمنشوراتالتسجيلدخول
رحم الله من قراء سورة الفاتحةالمباركه لاأرواح المؤمنين والمؤمنات تسبقها الصلاة على محمد وآل محمد آللَّهُمَّے صَلِّے عَلَى مُحَمـَّدٍ وآلِے مُحَمـَّدٍ بسْمِ اڶڶّہ اڶرَّحْمَنِ اڶرَّحِيمِ ۞ اڶْحَمْدُ ڶڶّہِ رَبِّ اڶْعَالَمِينَ ۞ اڶرَّحْمنِ اڶرَّحِيمِ ۞ مَاڶِڪِ يَۈْمِ اڶدِّينِ ۞ ِإِيَّاڪَ نَعْبُدُ ۈإِيَّاڪَ نَڛْٺَعِينُ ۞ إهدِنَا اڶصِّرَاطَ اڶمُڛٺَقِيمَ ۞ صِرَاطَ اڶَّذِينَ أَنعَمٺَ عَڶَيهِمْ غيرِالمَغضُوبِ عَڶَيهِمْ ۈَڶاَ اڶضَّاڶِّين ۞
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» سيرة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام سيرة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالسبت يونيو 11, 2022 4:13 pm من طرف نور الأئمة

» أهل البيت عليهم السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2020 7:07 am من طرف نور الأئمة

» أهل البيت عليهم السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2020 12:47 am من طرف نور الأئمة

» أهل البيت عليهم السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2020 12:46 am من طرف نور الأئمة

» أهل البيت عليهم السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2020 12:46 am من طرف نور الأئمة

» أهل البيت عليهم السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2020 12:46 am من طرف نور الأئمة

» أهل البيت عليهم السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2020 12:45 am من طرف نور الأئمة

» أهل البيت عليهم السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2020 12:45 am من طرف نور الأئمة

» أهل البيت عليهم السلام
حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2020 12:45 am من طرف نور الأئمة

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث

 

 حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع والأخير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نور الأئمة
المدير العام للمنتدى
نور الأئمة


عدد المساهمات : 245
تاريخ التسجيل : 15/10/2010

حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع  والأخير  Empty
28052015
مُساهمةحياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع والأخير

عثرة التأريخ
لقد كان من نفوذ بصيرة العبّاس أنّه لم تقنعه هاتيك التضحية المشهودة منه، والجهاد البالغ حدّه، حتّى راقه أن يفوز بتجهيز المجاهدين في ذلك المأزق الحرج، والدعوة إلى السعادة الخالدة في رضوان اللّه الأكبر، وأن يحظى بأُجور الصابرين، على ما يَلمّ به من المصاب بفقد الأحبة، فدعا أُخوته من أُمه وأبيه وهم " عبد اللّه، وجعفر، وعثمان " وقال لهم: " تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم للّه ولرسوله، فإنّه لا ولد لكم "(302).
فإنّه أراد بذلك تعريف أُخوته حقّ المقام، وأنّ مثولهم بهذا الموقف لم يكن مصروفاً إلاّ إلى جهة واحدة وهي: المفادات والتضحية في سبيل الدين، إذ لم يكن لهم أي شائبة أو شاغلة تلهيهم عن القصد الأسنى من عوارض الدنيا، من مراقبة أمر الأولاد بعدهم، ومَن يرأف بهم ويربيهم، فاللازم حينئذ السير إلى الغاية الوحيدة وهي: الموت دون حياة الشريعة المقدّسة، فكانوا كما شاء ظنّه الحسن بهم، حيث لم يألوا جهداً في الذب عن قدس الدين، حتّى قضوا كراماً متلفّعين بدم الشهادة.
لكن هلمّ واقرأ العجيب الغريب فيما ذكر ابن جرير الطبري في التاريخ ج6 ص257 قال: " وزعموا أنّ العبّاس بن علي قال لأخوته من أُمّه وأبيه عبد اللّه وجعفر وعثمان: يا بني أُمي تقدّموا حتّى أرثكم، فإنّه لا ولد لكم، ففعلوا وقتلوا "(303).
وقال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: " قدّم أخاه جعفر بين يديه، لأنّه لم يكن له ولد ليحوز ميراثه العبّاس، فشدّ عليه هاني بن ثبيت فقتله "(304).
وفي مقتل العبّاس قال: " قدّم أُخوته لأُمه وأبيه، فقتلوا جميعاً، فحاز مواريثهم، ثُمّ تقدّم وقتل فورثهم وإياه عبيد اللّه، ونازعه في ذلك عمّه عمر بن علي، فصولح على شيء رضي به "(305).
هذا غاية ما عندهما، وقد تفرّدا به من بين المؤرّخين وأرباب المقاتل، ولا يخفى على من له بصيرة وتأمّل بعده عن الصواب.
وما أدري كيف خفي عليهما حيازة العبّاس ميراث أُخوته مع وجود أُمهم أُم البنين، وهي من الطبقة المتقدّمة على الأخ، ولم يجهل العبّاس شريعة تربّى في خلالها؟!
على أنّ هذه الكلمة لا تصدر من أدنى الناس، سيّما في ذلك الموقف الذي يذهل الواقف عن نفسه وماله، فأيّ شخص كان يدور في خُلدهِ ذلك اليوم حيازة المواريث بتعريض ذويه وأخوته للقتل؟! وعلى الأخصّ يصدر ذلك من رجل يعلم أنّه لا يبقى بعدهم ولا يتهنّأ بمالهم، بل يكون فعله لمحض أن تتمتّع به أولاده.
بئست الكلمة القبيحة التي راموا أن يلوثّوا بها ساحة ذلك السيّد الكريم.
فهل ترغب أنت أن يقال لك: عرضت أُخوتك وبني أُمك لحومة الوغى لتحوز مواريثهم؟! أم أنّ هذا من الدناءة والخسّة، فلا ترضاه لنفسك، كما لا يرغب به سوقة الناس وأدناهم، فكيف ترضى أيّها المنصف ذلك لمن علّم الناس الشهامة وكرم الأخلاق، وواسى حجّة وقته بنفسه الزاكية؟!
وكيف ينسب هذا لخرّيج تلك الجامعة العُظمى، والمدرسة الكبرى، جامعة النبّوة، ومدرسة الإمامة، وتربّى بحجر أبيه، وأخذ المعارف منه ومن أخويه الامامين؟!
ولو تأمّلنا جيداً في تقديمه إياهم للقتل لعرفنا كبر نفسه، وغاية مفاداته عن أخيه السبط، فلذة كبد النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومهجة البتول، فإنّ من الواضح البيّن أنّ غرضه من تقديمهم للقتل:
1 ـ إمّا لأجل أن يشتدّ حزنه، ويعظم صبره، ويرزأ بهم، ويكون هو المطالب بهم يوم القيامة، إذ لا ولد لهم يطالبون بهم.
2 ـ وإمّا لأجل حصول الاطمئنان والثقة من المفادات دون الدين، أمام سيّد الشهداء، ويشهد له ماذكره الشيخ المفيد في الإرشاد، وابن نما في مثير الأحزان من قوله لهم: " تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم للّه ولرسوله، فإنّه لا ولد لكم "، ولم يقصد بهم المخايل، وإنمّا رام أبو الفضل أن يتعرّف مقدار ولائهم لقتيل العبرة. وهذا منه (عليه السلام) إرفاق بهم، وحنان عليهم، وأداء لحقّ الأُخوة بإرشادهم إلى ما هو الأصلح لهم.
3 ـ وإمّا لأجل أن يكون غرضه الفوز بأجر الشهادة بنفسه، والتجهيز للجهاد بتقديم أُخوته ليثاب أيضاً بأجر الصابرين، ويحوز كلتا السعادتين، وربما يدلّ عليه ماذكره أبو الفرج في مقتل عبداللّه من قول العبّاس له: " تقدّم بين يدي حتّى أراك قتيلاً واحتسبك، فكان أول من قتل من أُخوته ".
وذكر أبو حنيفة الدينوري أنّ العبّاس قال لأُخوته: " تقدموا بنفسي أنتم وحاموا عن سيّدكم حتّى تموتوا دونه، فتقّدموا جميعاً وقتلوا ".
ولو أراد أبو الفضل من تقديمهم للقتل حيازة مواريثهم ـ وحاشاه ـ لم يكن لاحتساب أخيه عبداللّه معنى، كما لا معنى لتفديتهم بنفسه الكريمة كما في الأخبار الطوال(306).
وهناك مانع آخر من ميراث العبّاس لهم وحده، حتّى لو قلنا على بعد ومنع بوفاة أُم البنين يوم الطف، فإنّ ولد العبّاس لم يكن هو الحائز لمواريثهم، لوجود الأطراف وعبيد اللّه بن النهشلية، فإنهّما يشتركان مع العبّاس في الميراث، كما يشاركهم سيّد شباب أهل الجنّة، وزينب العقيلة، وأم كلثوم، ورقية، وغيرهنّ من بنات أمير المؤمنين، فكيف والحال هذا يختصّ العبّاس بالميراث وحده؟!
هذا كُلّه إن قلنا بوفاة أُم البنّين يوم الطف، ولكن التاريخ يثبت حياتها يومئذ وأنّها بقيت بالمدينة، وهي التي كانت ترثي أولادها الأربعة.
والذي أظنّه أن منشأ ذلك التقوّل على العبّاس أنّه أوقفهم السير على قوله لأخوته: " لا ولد لكم "، من غير رويّة وتفكير في غرضه ومراده، فحسبوه أنّه يريد الميراث، فنّوه به واحد باجتهاده أو احتماله، وحسبه الآخرون رواية، فشوّهوا به وجه التاريخ، ولم يفهموا المراد، ولا أصابوا شاكلة الغرض، فإنّ غرضه من قوله: " لا ولد لكم " تراقبون حاله بعدكم، فاسرعوا في نيل الشهادة والفوز بنعيم الجنان.
على أنّ شيخنا العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلّي في النقد النزيه ج1 ص99 احتمل تصحيف (إرثكم) من (أُرزأ بكم) أو (أرزأكم)، وليس هذا ببعيد.
وأقرب منه احتمال شيخّنا الحجّة الشيخ آغا بزرك مؤلّف كتاب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) تصحيف (إرثكم) من (أرثيكم)، فكأنّه (عليه السلام) أراد أولاً: أن يفوز بالإرشاد إلى ناحية الحقّ، وثانياً: تجهيز المجاهدين، وثالثاً: البكاء عليهم ورثائهم، فإنّه محبوب للمولى تعالى.
ويشبه قول العبّاس لأُخوته قول عابس بن أبي شبيب الشاكري لشوذب مولى شاكر: " يا شوذب ما في نفسك أنّ تصنع؟ قال: أُقاتل معك دون ابن بنت رسول اللّه حتّى أقُتل! فقال: ذلك الظنّ بك، فتقدّم بين يدي أبي عبداللّه حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه، وحتّى احتسبك أنا، فإنّه لو كان معي الساعة أحدُ أنا أولى به منك لسرّني أن يتقدّم بين يدي حتّى أحتسبه، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكُلِّ ما قدرنا عليه، فإنّه لا عمل بعد اليوم، وإنّما هو الحساب "(307) (الطبري ج6 ص254).
حديث الصادق
إنّ ما يتعرّف منه منزلة أبي الفضل العالية وإثبات الخصال الحميدة له، إخبار أئمة الدين العارفين بضمائر العباد وسرائرهم، الواقفين على نفسيّات الأُمة على كثب بتحقّقها فيه، وقد عبثت أيدي التلف في أكثرها، فإنّ الصدوق يحدّث في الخصال ج1 ص35 بعد ذكره حديث السجّاد في فضل العبّاس أنّه أخرج الخبر بتمامه، مع أخبار في فضائل العبّاس في كتاب مقتل الحسين (عليه السلام).
وظاهره أن هناك أخباراً كثيرة في فضل أبي الفضل رويت عنّا ككتابه المقتل، ولا غرو فلقد اندثر بتعاقب الحوادث الكثير من المؤلّفات.
وكيف كان، فلعلّ من تلك الأخبار ما رواه في عمدة الطالب، عن الشيخ الجليل أبي نصر البخاري النسّابة، عن المفضّل بن عمر أنّه قال: " قال الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام): كان عمّنا العبّاس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبداللّه وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً "(308).
وكذلك قوله (عليه السلام) فيما علّم شيعته أن يخاطبوه به من لفظ الزيارة، المرورية بسند صحيح متفق عليه، فإنّه عند التأمّل فيما 
خاطبه به الإمام العارف بأساليب الكلام ومقتضيات الأحوال، تظهر لنا الحقيقة، ونعرف منزلة للعبّاس سامية لاتعد ومنزلة المعصومين، فقال (عليه السلام) في صدر سلام الإذن:
" سلام اللّه، وسلام ملائكته المقرّبين، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصدّيقين، الزاكيات الطيّبات، فيما تغتدي وتروح عليك يا بن أمير المؤمنين ".
فإنّه أشار بهذا إلى مصبّ سلام اللّه الذي هو رحمته المتواصلة والعطف الغير محدود الذين لا انقطاع لهما.
وسلام الملائكة المشاهدين لمقادير الرجال في ملأ القدس وحظيرة الجلال.
وسلام الأنبياء الذين لا يعدون مرضات اللّه ووحيه في أفعالهم وتروكهم.
وسلام الصالحين والشهداء الذين أدركوا بفضل الاتصال بالرسل وأوصيائهم أو بالتجرّد ومشاهدة الحقائق الثابتة في عالم الغيوب، زيادة على ما عرفوه من مقام أبي الفضل وفضله.
فكُلّ هؤلاء يتقرّبون إلى اللّه تعالى بالدعاء له، واستنزال الرحمة منه سبحانه، وإهداء التسليمات إليه، لمّا عرفوا أنّه من أقرب الوسائل إليه، وحيث كانت خالصة للزلفة، ماحضة في التقرّب إليه جلّ ذكره، عادت زاكية طيّبة بنصّ الزيارة: " الزاكيات الطيّبات ".
وأمّا على رواية ابن قولويه في كامل الزيارة من زيادة (واو العطف) قبل الزاكيات الطيّبات، فيراد بهما العنايات الخاصّة التي ليست بدعاء من أحد، ولا بأسباب عادية، ولا يعدم هذه الأنبياء 
والأوصياء والأقلّون ممّن اقتفوا أثرهم، وليست هي شرعة لكُلّ وارد، وإنّما يحظى بها الأفذاذ ممّن كهربتهم القداسة الإلهية، وجذبتهم جاذبة الصقع الربوبي، وهكذا المقرّبون والأفذاذ عند صعودهم.
وإذا قرأنا زيارة الصادق (عليه السلام) لجدّه الحسين: " سلام اللّه وسلام ملائكته فيما تروح وتغدو، والزاكيات الطاهرات لك وعليك، سلام الملائكة المقرّبين والمسلمين لك بقلوبهم والناطقين بفضلك... "(309) وضح لنا أنّ منزلة أبي الفضل تضاهي منزلة الحسين، حيث أثبت له مثل هذا السلام.
ثُمّ قال (عليه السلام): " أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النّبي المرسل "(310).
هاهنا أثبت لأبي الفضل منزلة التسليم التي هي من أقدس منازل السالكين، وفوق مرتبة الرضا والتوكّل، فإنّ أقصى مرتبة الرضا أن يكون محبوب المولى سبحانه محبوباً له، موافقاً لطبعه، فالطبع ملحوظ فيه.
وأقصى مراتب التوكّل أن ينزل نفسه بين يدي المولى سبحانه وتعالى منزلة الميت بين يدي الغاسل، بحيث لا إرادة له إلاّ ما يفعله الغاسل به، فصاحب التوكّل مسلوب الإرادة، وأمّا صاحب التسليم فلا يرى لغير اللّه وجوداً مع اللّه فضلاً عن نفسه، ولا يكون له طبع يوافق أو يخالف في الإرادة، أو نفساً قد تنفّست بالإرادة، فهو قريب من عالم الفناء.
وهذه المرتبة فوق مرتبة التوكّل التي هي فوق مرتبة الرضا لا تحصل إلاّ بالبصيرة النافذة، والوصول إلى أعلى مراتب اليقين، تلك المرتبة التي أخبر عنها أمير المؤمنين (عليه السلام): " لو كُشِف الغطاء ما ازددت يقيناً ".
أمّا العناوين الثلاثة وهي: " التصديق، والوفاء، والنصيحة " فلا شكّ أنّ الإمام يريد أن أبا الفضل في أرقى مراتبها، لانبعاثها عن التسليم، وهو حقّ اليقين، فإنّه المناسب لتصديقه بأخيه الحجّة، وبنهضته في ذلك الموقف الحرج، وهكذا وفاؤه ونصيحته، فإنّ وفاء شخص لآخر كما يمكن أن يكون لأجل الأُخوة والرحم والصحبة ويمكن أن يكون لأجل المعرفة التامّة، بما أوجب اللّه له من الحرمة والحقّ على الأُمة.
وحيث إنّ الإمام أثبت لأبي الفضل أرقى مرتبة السالكين، وهي التسليم اللازم لحقّ اليقين، فلا بدّ أن يكون ما صدر منه من التصديق بنهضة أخيه والوفاء لحقّه والمناصحة في العمل، منبعثاً عن حقّ اليقين بذلك الأمر الواجب، لا لأجل أنّ الحسين أخوه أو رحمه أو ابن رسول اللّه، فإنّ هذه المرتبة وإن مُدح عليها الشخص إلاّ أنّ المرتبة الأُولى أرقى وأرفع، ولا ينالها إلاّ ذوو النفوس القدسيّة ممّن وجبت لهم العصمة.
ويؤيّد ذلك تعقيب العناوين الثلاثة بقوله (عليه السلام): " لخلف النّبي المرسل "، فإنّه لو لم يرد هذا لقال في الخطاب: (لأخيك) أو (للحسين) أو (لابن أمير المؤمنين)، فالتعبير بخلف النّبي لا يُراد منه إلاّ أنّ الدافع لأبي الفضل على التسليم والتصديق والوفاء والنصيحة بالمفادات إلاّ كون الحسين إماماً مفروض الطاعة، وهذا 
مغزى لا يبعث إليه إلاّ البصيرة المميّزة لشرف الغايات المتحرّية لكرائمها.
ثُمّ إنّ من تخصيص الإمام الخطاب له دون غيره من الشهداء بقوله: " لعن اللّه من جهل حقّك واستخفّ بحرمتك " نعرف أنّ غيره من الشهداء لم يُدرك هذا المدى، وإن كان لكُلّ منهم حقّاً وحرمة، إلاّ أنّ شبل أمير المؤمنين كانت معارفه أوسع، وإيمانه أثبت، فكان له حقّ في الدين، وحقّ على الأُمة لا ينكر، فاستحقّ بكُلّ منهما اللعن على جاهله والمستخف به، فالشهداء وإن أخلصوا في التضحية والمفادات، وكان منبعثاً عن طهارة الضمائر والمعرفة بحقّ الإمام، فلهم حقوق وحرمات، لكن لحق العبّاس منعة بين هاتيك الحقوق، ولحرمته بذخ بين تلك الحرمات، بعد ما ثبت منهما لأخيه الإمام المظلوم، لنفوذ بصيرته، وصلابة إيمانه بنصّ الصادق.
ثُمّ قال الصادق (عليه السلام) في الزيارة المتلوة داخل الحرم: " أَشهد وأُشهد اللّه أنّك مضيت على ما مضى به البدريّون "(311).
لقد جرى التشبيه بالبدريّين مجرى التقريب إلى الأذهان، في الإشادة بموقف أبي الفضل من البصيرة، فإنّ أهل بدر أظهر أفراد أهل البصائر ; لأنّهم قابلوا طواغيت قريش على حين ضعف في المسلمين، وقلّة في العدّة والعتاد، فلم يملكوا إلاّ فرسين أحدهما: لمرثد بن أبي مرثد الغنوي، والآخر: للمقداد بن الأسود الكندي، وكانوا يتعاقبون على سبعين بعير، الاثنان والثلاثة(312).
لكنّهم خاضوا غمرات الموت تحت راية النبوّة، بقوّة الإيمان، وعتاد البصيرة، إلاّ من استولى الرين على قلبه، فردّوا سيوف قريش مفلولة، ورماحهم محطّمة، وجموعهم بين قتلى وأسرى ومشرّدين، فحظوا بأوّل فتح إسلامي، قويت به دعائمه وشيّدت معالمه من الإمداد { بِخَمْسَةِ آلاف مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }(313).
وأعظم من ذلك مشهد الطفّ الذي التطمت فيه أمواج الموت، وكشفت الحرب عن ساقها، وكشفت عن نابها.
وللأخَطَارِ وَجهٌ مُكفَهِر يُشيِبُ لِهَولِه المُردِي الغُلاّمِ
تَرى الأبطَال مِن فَرِق سُكَارَى يُدَارُ مِن الرَدَى فِيهم مُدَام
فقابلهم عصبة الحقّ من غير مدد يأملونه، أو نصرة يرقبونها، والعطش معتلج بصدورهم، ونشيج الفواطم من ورائهم، فتلقّوا جبال الحديد بكُلِّ صدر رحيب، وجنان طامن، فلم تسل تلك النفوس الطاهرة إلاّ على قتل أُميّة المنقوض، ولا أُريقت دماؤهم الزاكية إلاّ على حبلهم المنتكث، فلم تبرح آل حرب إلاّ كلعقة الكلب أنفه، حتّى اكتسحت معرتهم من أديم الأرض، وتفرّقوا أيدي سبا، فيوم الطفّ فتح إسلامي بعد الجاهلية المستردة من جراء أعمال الأمويين(314).
وإليه أشار الإمام الشهيد في كتابه إلى بني هاشم لمّا حلّ أرض كربلاء: " من لحق بي منكم استشهد، ومن تخلّف عنّي لم يبلغ الفتح "(315).
فإنّه (عليه السلام) لم يرد بالفتح إلاّ ما ترتّب على نهضته المقدّسة وتضحيته الكريمة، من نقض دعائم الإلحاد، وكسح أشواك الباطل عن صراط الشريعة المطهّرة، وإحياء دين جدّه الصادع به، الذي لاقى المتاعب في تأييده وتشييده.
وأنت أيّها البصير إذا استشففت الحادثة من وراء نظارة في التنقيب تجد سيّدنا أبا الفضل سيّد القوم بعد أخيه السبط، وهو المسدد لهم في النضال.
كما أنّ الباحث إذا أعطى النظر حقّه يجد ضحايا (الطفّ) أشدّ انقطاعاً عن المدّد من مجاهدي يوم بدر، وأبلغ بأساً، وأقلّ عدداً، مع اكتناف الكوارث بهم، واعواز الملجأ أكثر ممّا احتفّ بأهل بدر.
مع أنّ المناوئين لشهداء (الطفّ) أوفر عدداً، وأقوى عتاداً، وأوثق مدداً. وإنّ لهم دولة مؤسسة، تنضّددت جحافلها، وخفقت بنودها، وتواصلت قواتها بخلاف الحالة يوم بدر.
فلقد كان المحاربون للمسلمين شتات، من طواغيت العرب، حداهم إلى الحرب بواعث الحقد والنخوة، ومن المحتمل القريب انحلال جامعتهم إذا ضربت الحرب عليهم بجرانها لأنّهم كانوا يفقدون أيّ مدد من القبائل، ولم يخرجوا متأهّبين للاستمداد، حيث ظنّوا خوراً في المسلمين، وحسبوا استئصال شأفتهم وأنّهم كشربة ماء (ولكن لا مبدّل لحكم اللّه تعالى).
فالموقف يوم الطفّ أحرج، والكرب أكثر، والمقاسات أصعب، وبقدر المشقّة تجري الأُجور، وتقسم الفضائل، فشهداء كربلاء أولى بالفضيلة.
وضَرب الإمام (عليه السلام) المثل لهم بأهل بدر إذ يقول: " إنّك مضيت على ما مضى به البدريون " لا يوجب فضيلة أهل بدر عليهم، كما هي قاعدة التشبيه، وإنّما ذلك من باب التقريب إلى الأفهام، كما في قوله تعالى: { مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ... }(316).
وأين من النور الإلهي المشكاة ومصباحها، ولكن لمّا لم تدرك الأبصار ذلك النور الأقدس، وإنّما تُدركه البصائر، ضرب اللّه تعالى المثل بما يدركونه ; تقريباً للأذهان، وهكذا الحال فيما نحن فيه.
وإلى هذه الدقيقة وقع الإيعاز منه (عليه السلام) فيما بعد هذه الفقرة من الزيارة بقوله (عليه السلام): " فجزاك اللّه أفضل الجزاء، وأكثر الجزاء، وأوفر الجزاء، وأوفى جزاء أحد ممّن وفى ببيعته، واستجاب له دعوته، وأطاع ولاة أمره "(317).
فلو كان في المجاهدين من هو أوفر فضلاً من أبي الفضل العبّاس لكان هذا الدعاء، أو الإخبار عن أمره شططاً من القول، خارجاً عن ميزان العدل، تعالى عنه كلام المعصوم، فإذن لم يكن غيره من المجاهدين مطلقاً أوفر فضلاً، ولا أكثر جزاءً، ولا أوفى بيعة إلاّ من أخرجه الدليل من الأئمة المعصومين.
ثُمّ إنّ هناك مرتبة أُخرى ثبتت لأبي الفضل، خصّه بها الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: " أشهد أنّك قد بالغت في النصيحة، وأعطيت غاية المجهود، فبعثك اللّه في الشهداء، وجعل روحك مع أرواح السعداء، وأعطاك من جنانه أفسحها منزلاً، وأفضلها غرفاً "(318).
فإنّ المبالغة في أمثال المقام عبارة عن بلوغ الأمر إلى حدوده اللازمة، وكم له من نظير في استعمالات العرب ومحاوراتهم. ولا شكّ أنّ كُلِّ واحد من شهداء الطفّ قد بالغ في النصيحة، ولم يأل جهداً في أداء ما وجب عليه، ولكُلِّ منهم في ذلك المشهد الدامي شواهد من أقواله وأعماله.
ومن المسلّم أنّ المعروف بقدر المعرفة كماً وكيفاً، فصاحب السنام الأرفع في العرفان المتربّع على أعلى منصّة من الإيمان لا بدّ وأن يقاسي أشد ضروب الجهاد، ويتظاهر بأجمل مظاهرها، من الدؤوب على الحرب والضرب، وإن طال المدى، وبعد الأمد، إن كان الجهاد نضالاً، كما لا بدَّ له من المثابرة على مكافحة النفس 
الأمارة، وكسر شوكتها، وردّ صولتها، وكبح جماحها، وترويض النفس بالطاعة، وإلزامها بلوازمها الشاقة طيلة حياته، إن كان الجهاد نفسياً.
وفي هذين الحالتين لا بدّ وأن يكتنف العمل المقارنات المطلوبة، مثل: نيّة القربّة، والإخلاص فيها، المنبعث عن حبِّ المولى سبحانه، الهادي إلى معرفة تؤهله إلى الطاعة، وعن معرفة نعم الباري عزّ وجلّ الواجب شكرها، وعن الهيبة الناشئة عن لحاظ عظمته، إلى أمثال هذه من الملحوظات.
وقصارى القول: كما أنّ مراتب الإيمان والمعرفة متفاوتة مقولة بالتشكيك، كذلك مراتب العمل متفاوتة حسب تفاوت تلك المراتب، فصاحب عمل كُلِّ مرتبة محدود بحدودها.
وحينئذ فلا شكّ أنّ كُلّ واحد من شهداء الطفّ، وإن بلغ الغاية في الجهاد، وأدّى حقّ النصيحة، لكن (شهيد العلقمي) لمّا كانت بصيرته أنفذ، وعلمه أوفر، وإيمانه أثبت، كان مداه أبعد، وغايته أسمى، وحدوده أوسع، ولذلك خاطبه الصادق (عليه السلام) بهذا الخطاب، وخصّه بالمبالغة في التضحية، فكان هذا كفضيلة مخصوصة به ; لأنّ هاتيك المراتب الراقية لم توجد في غيره.
ولعلّ من ناحية هذه المراتب الثلاث ثبت له (عليه السلام) حقّ في الدين، وحقّ على الأُمة، وحرمة لا تنكر، فاستحقّ أن يخاطبه الإمام في سلام الإذن بقوله: " لعن اللّه من جهل حقّك واستخفّ بحرمتك "(319).
وهناك درجة أربى وأربع أشار إليها الصادق بقوله: " ورفع ذكرك في علّيين "(321).
فإنّ " حامى الشريعة " لم يبرح مواصلاً في الخدمات، حتّى أقبل إلى اللّه تعالى متلفّعاً بدم الشهادة، شهادة صكّ نبؤها مسامع الملكوت، حتّى أشرأب له هنالك من أنبياء، ومرسلين، وحجج معصومين، وملائكة مقرّبين، وحور، وولدان، وأرواح مقدّسة، ومقدّسات زاكيات طيّبات، فلم يلق (عليه السلام) في صعوده إليهم إلاّ ثغوراً باسمه، ووجوهاً مستبشرة، وايذاناً له بالبشرى الخالدة، ونعيم الأبدّ، فطفق يرف بين ذلك الجيل القدسي، الزاهر بنور العصمة، ورونق العلم، وهيبة العظمة، وسمات الجلالة، وشارات النزاهة، وبهجة العطف الإلهي، وبهاء النظر إلى الجلال السرمدي، والاتصال بالرضوان الأكبر، وعليه أُبهة الولاء، وجلالة الطاعة، وبلج التضحية، وزلفى المفادات، وزهو العلم والعمل، ولذكره في ذلك المنتدى الرهيب رفعة ومنعة، وإليه يشير الإمام الصادق (عليه السلام) في لفظ الزيارة: " ورفع ذكرك في علّيين ".
فإنّ الغرض من هذا التعبير ليس إلاّ ما شرحناه، لا مجرّد صعود ذكره الطيّب إلى ذلك الملأ الأرفع، شأن كُلِّ صالح في عالم الوجود، لكن الشأن كُلِّه إن يكون لذكر ما لمجيد هنالك بذخ، واكبار فيرمقه كُلّ طرف بنظر الاجلال، ويسمع الهتاف به بإذن التقدير، وتنعقد الضمائر على تقديسه، ولو أراد الإمام مجرّد ذكره إلى ذلك العالم القدسي لقال في الخطاب: " ورفع ذكرك إلى 
عليين "، ولكن حيث إنّه أراد رفع الذكر بين أفراد أُولئك الذين أختصّ محلّهم فيه جاء بفاء الظرفية فقال: " في علّيين ".
وأما قوله (عليه السلام) في الزيارة التي رواها المجلسي في مزار البحار ص165 عن مزار الشيخ المفيد وابن المشهدي: " لعن اللّه أُمة استحلّت منّك المحارم، وانتهكت فيك حُرمة الإسلام "(322) ; فيرشدنا إلى مكانة سامية لأبي الفضل، تصعد به إلى فوق مرتبة العصمة، فإنّا لم نجد مثل هذا الخطاب في أي واحد من الشهداء، مع بلوغهم أعلى مرتبة الفضل التي لم يحزها أي شهيد غيرهم، حتّى استحقّوا أن يخاطبهم الإمام في زيارة النصف من رجب بقوله: " السلام عليكم يا مهديون، السلام عليكم يا طاهرون من الدنس "(2)، ويقول أيضاً: " طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم "(323).
بل لم يخاطب بمثل ذلك علياً الأكبر الذي لا شكّ في عصمته، ومنه يظهر أنّ للعبّاس منزلة ومقاماً يشارف مقام الحجج المعصومين (عليهم السلام)، تناط به حرمة الإسلام، كما تناط بهم صلوات اللّه عليهم، وإنّها تنتهك بمثله كما تنتهك بمثلهم (عليهم السلام)، وهذا مقام فوق العصمة المرجوّة له.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://norforward.yoo7.com
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع والأخير :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء السابع والأخير

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» حياة العبّاس بن علي علیه السلام- الجزء الثالث
» حياة العبّاس بن علي علیه السلام - الجزء الخامس
» حياة العبّاس بن علي علیه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نور الأئمة عليهم السلام :: الفئة الأولى :: أبو الفضل العباس بن أمير الؤمنين علي بن أبي عليهم السلام-
انتقل الى: